ایکنا

IQNA

ما هي الآثار الاقتصادية لقرار السعودية منع الحج من الخارج؟

8:54 - July 19, 2021
رمز الخبر: 3481923
مکة المكرمة ـ إکنا: للعام الثاني على التوالي وبسبب التحديات الصحية التي فرضتها جائحة كورونا ذهبت السلطات السعودية إلى إتاحة التسجيل للراغبين في أداء مناسك الحج لهذا العام على المواطنين والمقيمين داخل المملكة فقط، بإجمالي 60 ألف حاج.

وجاء القرار السعودي بهدف الحفاظ على الحالة الصحية للحجاج ومنع تفشي فيروس كورونا بينهم، رغم حصول عدد من المسلمين على اللقاحات المضادة للفيروس، وهو ما لاقى إشادة من عدد من الدول الخليجية.

وقالت وزارة الحج إنه سيُسمح لحوالي 60 ألف شخص فقط بتأدية مناسك الحج هذا العام، وستتراوح أعمارهم بين 18 و65 عاماً، وجميعهم تلقوا التطعيم، وستكون الأولوية لمن لم يحج سابقاً.

وشهد 2020 موسماً استثنائياً للحج، ومراعاة لجائحة "كورونا"؛ إذ اقتصر عدد الحجاج آنذاك على نحو 10 آلاف من داخل السعودية فحسب، مقارنة بنحو 2.5 مليون حاج في 2019 من كل أرجاء العالم.

خسائر متوقعة

وأمام القرار السعودي الجديد لاقتصار الحج على المواطنين والمقيمين تتوقع شركات السياحة السعودية أن تصل خسائرها إلى الملايين، خاصة أن إيرادات الحج والعمرة كانت تبلغ حوالي 12 مليار دولار سنوياً، وفق تقرير لـ"بي بي سي".

ويضعف اقتصار الحج على المواطنين والمقيمين من تطبيق خطة الإصلاح التي أطلقها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وهي "رؤية 2030"، التي تشمل تطوير السياحة الدينية التي تدر مليارات الدولارات.

وتأمل المملكة في استقبال ستة ملايين حاج و30 مليون معتمر بحلول 2030، حيث كان من المتوقع أن تتجاوز عائداتها 50 مليار ريال سنوياً مع تحقيق أهداف الرؤية.

وسيحرم إلغاء استقبال حجاج الخارج المملكة من عائدات كبيرة، حيث يبلغ متوسط إنفاق الحاج في الداخل 7 آلاف ريال سعودي (1866 دولاراً)، فيما يبلغ إجمالي تكلفة الحج بالنسبة للشخص الواحد من حجاج الخارج بين 4 و5 آلاف دولار في المتوسط.

وسيفقد قرار اقتصار الحج على المواطنين والمقيمين الخزينة السعودية قيمة استصدار التأشيرة، التي تبلغ 300 إلى 500 ريال سعودي (80-135 دولاراً).

وأظهرت دراسة لمركز "السجيني" للاستشارات الاقتصادية والإدارية أن 40% من إنفاق الحجاج يذهب إلى السكن وأماكن الإقامة التي تمثل عدة شرائح ومستويات متباينة، فيما يذهب 31% لصالح النقل والمواصلات، أما الهدايا فتبلغ نسبة الإنفاق عليها 14% من إجمالي الإنفاق، يليها الغذاء بنسبة 10%، في حين يتذيل القائمة بقية أوجه الإنفاق الأخرى التي تمثل 5% من الإجمالي.

وينعش حجيج الخارج قطاعات عدة أبرزها تجارة اللحوم (ذبح الهدي)، والمواصلات، والمطاعم، وغيرها من المجالات التي تدر إيرادات كبرى للبلاد، كما يسهم هؤلاء الحجاج في رفع الطلب على الريال السعودي بقوة في مختلف بلدان العالم؛ وهو ما سيفقده العام الجاري.

وسيتسبب غياب حجاج الخارج في خسارة 200 ألف فرصة عمل وفق تقديرات غير رسمية، تشمل قطاع الخدمات مثل مرافقة الحجاج، وحراسة المخيمات، وقيادة المركبات، وأعمال النظافة، وكذلك قطاعات النقل، والضيافة، والتغذية، والتجارة، والتسويق.

ووفق تصريحات صحفية لعضو لجنة الحج في الغرفة التجارية والصناعية بمكة المكرمة، محمد سعد القرشي، فإن العوائد المالية لـ300 شركة نقل داخل مكة فقط تعمل في نقل الحجيج وصلت إلى 900 مليون ريال (ما يعادل 240 مليون دولار) خلال موسم حج 2019، قبل تفشي الجائحة.

وسبق أن أكدت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أن موسم الحج، الذي ينظم كل عام ويستمر خمسة أيام، والذي توافق بدايته هذا العام أواخر يوليو المقبل، يمثل مصدراً لهيبة السعودية على الصعيدين السياسي والديني، علاوة على أنه يساعدها على جني إيرادات سنوية تقدر بنحو 8 مليارات دولار.
 
ما هي الآثار الاقتصادية لقرار السعودية منع الحج من الخارج؟
 
وتمتد الآثار الاقتصادية لإلغاء استقبال حجاج الخارج إلى دول أخرى كانت تستفيد مكاتبها السياحية من رحلات الحجاج، ففي مصر قال أحمد البكري، عضو الاتحاد المصري للغرف السياحية، ومالك شركة سياحة تعمل في الحج والعمرة، إن القرار السعودي "جاء بهدف الحفاظ على الأنفس البشرية، لكن في ذات الوقت شركات السياحة تلفظ أنفاسها الأخيرة من جراء توقف عمل القطاع بشكل كامل منذ ظهور الجائحة".

وأشار البكري، في تصريحات لموقع "مصراوي"، إلى أن الخسائر كبيرة للغاية، ومتفاوتة، حيث من المتوقع أن تصل إلى 400 مليون جنيه (6.2 ملايين دولار)، وهو ما تواجهه أيضاً معظم الدول الإسلامية التي اعتادت إرسال حجيجها للمملكة.

العمالة الموسمية تتلقى صدمة للعام الثاني بسبب منع الحج
 
وفي هذا الاطار، قال عبد الرحيم المرسي، عضو شعبة إلحاق العمالة بغرفة القاهرة، إن شركات إلحاق العمالة الموسمية بالخارج تلقت صدمة للموسم الثاني على التوالي، بعد اقتصار الحج على مواطني السعودية فقط، وذلك بالرغم من جاهزية الشركات المصرية لموسم الحج هذا العام.

ويعد موسم الحج من المواسم الهامة لتلك العمالة، التي تنتظره سنويا.

وأوضح المرسي، في تصريحات خاصة لـ«الوطن» أن مدة عمل هذه العمالة كانت تتراوح من شهر إلى 3 شهور، لصالح خدمات الحجاج فقط، ولكن هذه التأشيرات لم تصدر للعام الثاني على التوالي، نظرا للقرارات التي أطلقتها المملكة بقصر الحج على مواطنيها بسبب انتشار فيروس كورونا.

وأفاد بأن عدد العمالة المصرية الموسمية في السنوات السابقة لكورونا كان عددها 37 الف عامل.

وتشمل العمالة الموسمية السائقين والجزارين والحلاقين، وعاملي حمل الحقائب، وجميع الأعمال التي تتعلق بخدمة الحجاج، وتحصل وزارة القوى العاملة كل موسم على حصة 10% من تلك العمالة، والبقية يتم جلبها عن طريق شركات إلحاق العمالة بالخارج، حيث إن دور الوزارة إشرافي وتنظيمي للعملية.

وأوضح المرسي، أن خدمات موسم الحج هذا العام من الممكن أن تتولاها شركات سعودية.

ويشهد موسم الحج سنويا نشاطا لبعض المهن، سواء التي ترتبط بالشعائر، مثل «الحلاقة والجزارة» أو المهن المعاونة مثل السائقين والفنيين، وهو ما كان يوفر فرص عمل للحاصلين على تأشيرات للعمل موسميا كل عام للمصريين أو المقيمين في المملكة انتظارا لبدء موسم الحج.
 
ما هي الآثار الاقتصادية لقرار السعودية منع الحج من الخارج؟
وأغلب عمليات التعاقد على تلك العمالة، كانت تقوم بها شركات التوظيف بالخارج المصرية، فيما تتولى وزارة القوى العاملة الإشراف على سفرهم، بحسب المرسي، مضيفًا «سفر العمالة الموسمية يتم بناءً على قاعدة بيانات الوزارة وشركات إلحاق العمالة بالخارج بشأن المسجلين لديها في السنوات السابقة، فيما تتغير 50% فقط من تلك العمالة سنويًا».

وأضاف «المرسي»، أن أغلب العمالة كانت تخضع لاختبارات من قبل شركات التوظيف واللجان القادمة من السعودية لتقييم العمال المسافرين للعمل بأراضيها خلال موسم الحج، وتفضل تلك اللجان العمالة التي لديها سابق خبرة ومارست عملها في موسم الحج في سنوات سابقة، خاصة السائقين.

ومن جهته، قدر فتحي غازي، رئيس شعبة شركات السياحة بغرفة القاهرة، الخسائر بأكثر من 6 مليارات جنيه، بسبب إلغاء الحج والعمرة هذا العام، حيث تعتبر 85% من شركات السياحة تعمل في السياحة الدينية.

دعم حكومي

وقبل أشهر من قرار اقتصار الحج على المواطنين والمقيمين اتخذ العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، سلسلة من المبادرات التي تهدف إلى مساعدة الأفراد والمؤسسات العاملين في قطاع الحج والعمرة.

وبحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السعودية "واس"، الثلاثاء 9 مارس 2021، فإن "المبادرات تهدف إلى التخفيف من الآثار المالية والاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا على القطاع الذي يقدم الدعم للحج والعمرة".

وتشمل المبادرات "إعفاء مرافق الإيواء من الرسوم السنوية لرخص الأنشطة التجارية البلدية لمدة سنة في مدينتي مكة والمدينة".

وسيتم أيضاً إعفاء منشآت قطاع الحج والعمرة من المقابل المالي على الوافدين العاملين لمدة ستة أشهر، كما يمكن تجديد تراخيص وزارة السياحة دون مقابل لمرافق الإيواء بمدينتي مكة والمدينة لمدة سنة قابلة للتمديد.

ومن ضمن الدعم المقدم سيتم كذلك تأجيل تحصيل رسوم تجديد الإقامات للوافدين العاملين في الأنشطة المرتبطة بقطاع الحج والعمرة لمدة ستة أشهر، على أن يتم تقسيط المبالغ على مدة سنة.

وستبقى رخص الحافلات العاملة في منشآت نقل الحجاج سارية دون مقابل لمدة سنة، وسيتم تأجيل تحصيل الرسوم الجمركية للحافلات الجديدة لموسم الحج القادم ثلاثة أشهر، مع إمكانية تقسيطها على مدى أربعة أشهر بدءاً من تاريخ الاستحقاق.
ما هي الآثار الاقتصادية لقرار السعودية منع الحج من الخارج؟
 
المصدر: وكالات
captcha